فصل: فصل في تدبير كلي للصداع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في كلام كلي في العلامات الدالة على أصناف الصداع وأقسامه:

أما الصداع الكائن عن الأسباب الكائنة من خارج مثل ضربة أو سقطة وملاقاة أشياء حارة أو باردة أو سمائم مجففة أو رياح ذفرة طيبة أو منتنة أو احتقان ريح في الأنف والأذن فالاستدلال عليها من وجودها فإن غفل عنها رجع إلى آثارها فاشتغل بالاستدلال منها على نحو ما نبين.
والذي يكون عن ضعف الدماغ فيدل عليه هيجانه مع أدنى سبب ومع كدورة الحواس ووجود الآفة في الأفعال الدماغية والذي يكون عن قوة حس الدماغ فيدل عليه سرعة الانفعال أيضاً عن أدنى سب محسوس في الدماغ عن الأصوات والمشمومات وغيرها لكن الحس يكون ذكياً والمجِاري نقية وأفعال الدماغ غير مؤفة.
وأما الكائن عن الأسباب المادية كلها فيشترك في الثقل الموجوَد ورطوبة المنخر وإذا كانت المادة حادة وكان مع النقل حمرة وحرارة وخصوصاً فيما هو من المواد أغلظ وربما صحبها ضربان وأما رطوبة المنخر فقد ثقل إذا كانت المواد غليظة ولا يكون يبس الخياشيم في مثلى ذلك الصداع دليلاً عدم المواد إذا صحبة ثقل والصفراوي يختصَ باللذع والحرقة الشديدة النخس ويكون ذلك فيه أشد مما في غيره مع يبس الخياشيم والعطش والسهر وصفرة اللون ويكون الثقل فيه أقلّ والبارد قد يدل عليه: البول والأزمان واللون وإن كان ذلك الامتلاء عن تخمة دل عليه ذهاب الشهوة والكسل والمواد الرطبة باردة كانت أو حارة فقد يدل عليها السبات والبلغمي والسوداوي لا يؤلمان جداً والمواد اليابسة يقلّ معها الثقل ويكثر السهر والباردة تخلو عن الالتهاب ويكثر معها الفكر الفاسد وتكمّد اللون وقد يستدل على كل خلط بلون الوجه والعين.
وربما اختلف ذلك في القليل والسبب في ذلك إما اندفاع من الخلط الملتهب إلى العمق أو احتقان فيه وإما انجذاب من مواد حارة غير المواد الموجعة الباردة إلى ناحية العينين والوجه بسبب الوجع.
فإن الوجع إذا حل في عضو جذب إليه وإلى ما يجاوره وأكثر ما ينجذب في مثل هذه الحال إلى العضو هو الدم وقد ينجذب غيره أحياناً وأما الكائن عن الرياح فيقل معه الثقل ويكثر معه التمدّد وربما كان معه نخس وربما كان كالتآكل.
ولا يكون في الريحي ثقل وقد يدل على الريحي والبخاري الدويّ والطنين وربما ردت معه الأوداج كثيراً وقد يكثر معه الانتقال أعني انتقال الوجع من موضع إلى موضع.
وإذا كثر البخار اشتدّ ضربان الشرايين وخيل تخييلات فاسدة وصحبه سدر ودوار وأما الكائن عن أمزجة ساذجة فعلاماته الإحساس بتلك الأمزجة مع عدم ثقل ومع يبس الخياشيم فإن يبس الخياشيم دليل مناسب لهذا وأما الحارة فيحس العليل نفسه ويحس لامس رأسه حرارة والتهاباً ويكون هناك حمرة عين وينتفع بالمبردات والبرد وأما البارد فيكون الأمر فيها بالضد ولا يكون في وجههم نحافة الهزال ولا حمرة اللون ولا يكون الوجع مفرطاً وإن كان وأما اليابسة فيدل عليها تقدّم استفراغات أو رياضات أو شهر كثير أو جماع كثير أو غموم ويكون من شأنها أن تزداد مع تكرّر شيء من هذه.
وأما الكائنة بالمشاركة فأن تحدث وتبطل وتشتد وتضعف بحسب ما.
يحدث بالعضو المشارك من الألم أو يبطل ويشتد ويضعف وإن لم يكن بمشاركة كان في سائر أفعال الدماغ كظلمة في العين وسبات وثقل دائم مع صلاح حال سائر الأعضاء وإذا كانت الآفة في نفس حجب الدماغ وكانت قوية دل على ذلك تأدي الألم إلى أصول العينين وإن كانت الآفة في الغشاء الخارج أو في موضع آخر لم يتأد الألم إلى أصول العينين وأوجع مس جلدة الرأس والكائن بمشاركة المعدة فيدل عليه وجود كرب وغثي أو قلة شهوة أو بطلانها أو رداءة هضم أو قلته أو بطلانه بعد وجود الدليل السابق وإذا كان بسبب انصباب مرار إليها اشتد على الخواء وعلى النوم ريقاً.
وربما كان الصداع بسبب في الدماغ فأوجب في المعدة هذه الأحوال والآفات على سبيل مشاركة من المعدة للدماغ لا على سبيل ابتداء من المعدة ومشاركة من الدماغ فيجب أن تثبّت في مثل هذا وتتعرف حال كل واحد من العضوين في نفسه فتحدس السابق من المسبوق ومما يدلّ على ذلك في المعدة خاصة اختلاف الحال في الهضم وغير الهضم واختلاف الحال في الخواء والامتلاء.
فمان ألم المعدة إن كان من صفراء هاج على الخواء وإن كان من خلط بارد كان في الخواء أقل ويسكّنه الجوع.
وربما هيّج الجوع منه بخاراً فآذى لكنه مع ذلك لا يسكّنه الأكل تمام التسكين في أكثر الأمر وربما سكّنه في الندرة لكن الالتهاب والحرقة والجشاء يفرق بينهما وأنت ستعرف دلائل الجشاء في موضعه وكذلك يفرق بينهما سائر العلامات التي تذكر في باب المعدة وقد يدل على ذلك ما يخرج بالقيء ويدلّ عليه اختلاف الحال في الصداع بحسب اختلاف حال ما يرد على المعدة وكثير من الناس ينصبّ إلى معدتهم مرار بأدوار فإذا هاج الصداع وأكلوا شيئاً سكن فيكون ذلك دليلاً على أنه بمشاركة المعدة وكذلك يسكن أن قذفوا مراراً.
ويدل ذلك الدليل وقد يستدلّ عليه من جهة الألم فإن الذي بمشاركة المعدة أكثره يبتدئ في الجزء المقدم من اليافوخ وربما كان مائلاً إلى وسط اليافوخ ثم قد ينزل والذي يكون من الكبد يكون مائلاً إلى الجانب الأيمن والذي يكون من الطحال يكون مائلاً إلى الجانب الأيسر والذي يكون بسبب المراق يكون مائلاً إلى قدام جداً والذي يكون بسبب الرحم يكون في حاق اليافوخ ويكون أكثره بعد ولادة أو إسقاط أو احتباس طمث أو قلّته.
وأما علامة ما يدعى من صداع يتولّد من دود قال الهندي: وعلامة الصداع الكائن من الدود أن يكون أكّال شديد ونتن رائحة واشتداد الصداع مع الحركة وسكونه مع السكون والذي يكون من الكلية وأعضاء الصلب فيكون مائلاً إلى خلف جداً والذي يكون بمشاركة الأوجاع الحادثة في أعضاء أخرى فيكون مع هيجانها واشتدادها والذي يكون مع الحميات والبحرانات فيكون معها ويسكن ويضعف بسكونها وضعفها وقد يدلّ عليها ابيضاض البول مع شدة الحمى لميل الأخلاط المرارية إلى فوق وكثيراً ما تكون الأشياء الملطّفة سبباً للصداع بما يفتح من طريق الأبخرة إلى الدماغ وإن كانت غير حارة مثل السكنجبين.
وكذلك حال الشقيقة والتدبير اللطيف ضار لمن صداعه يوجب العلاج بالتدبير الغليظ بسبب المرار وربما زاد الصداع في نفسه لشدة وجعه فتجلب شدّة وجعه مزيداً فيه فاعلم هذه الجمل.

.فصل في العلامات المنذرة بالصداع في الأمراض:

البول الشبيه بأبوال الحمير يحلّ على أن الصداع كان فانحل أو هو كائن ثابت أو سيكون وكذلك ابيضاض البول ورقته في الحميّات وأوقات البحران يدل على انتقال المواد إلى الرأس وذلك مما يصدع لا محالة.

.فصل في تدبير كلي للصداع:

تعلم أن الصداع إسوة بغيره من العلل في وجوب قطع سببه ومقابلته بالضدّ.
وبعد ذلك فإن من الأمور النافعة في إزالة الصداع قلة الأكل والشرب وخصوصاً من الشراب وكثرة النوم على أن الإفراط في قلّة الأكل ضار في الصداع الحار. مضرّة الزيادة فيه في الصداع المزمن ولا شيء للصداع كالتوديع وترك كل ما يحرّك من الجماع ومن الفكر وغير ذلك.
ويجب أن يجتهد في علاج الماديات منه في جذب المواد إلى أسفل ولو بالحقن الحارة ويجب أن تقوى حتى يمكنها أن تستفرغ من نواحي الكبد والمعدة ومن الأشياء القوية في جنب مادة الصداع إلى أسفل والتسليم من الصداع دلك الرجلين فإن كثيراً ما ينام عليه المصدوع وقد يلحّ على الرجل في ذلك إلى أن ينحلّ الصداع.
وإذا أردت أن تستعمل أطلية وضمّادات وكانت العلة قوية مزمنة حارة كانت أو باردة فيجب أن يحلق الرأس وذلك أعون على نفوذ قوة الدواء فيه ومما يعين عليه تكليل اليافوخ إما بعجين أو بصوف ليحبس ما يصبّ عليه من الأشياء الرقيقة عن السيلان فيستوفي الدماغ منه الانتشاق ولا يسلب قوتها الهواء بسرعة.
قال فيلغريوس: إن فصد العرق من الجبهة وإلزام الرأس المحاجم إلى أسفل ودلك الأطراف ووضعها في الماء الحار والتمشّي القليل وترك الأغذية النافخة والمبخرة البطيئة الهضم نافعة جداً لمن يؤثر أن يزول صداعه ولا يعاوده.
أقول: وربما صببنا الماء الحار على أطراف المصدوع ونديم ذلك فيحس بأن الصداع ينزل من رأسه إلى أطرافه نزولاً ينحلّ معه.
واعلم أن الأغذية الحامضة لا تلائم المصدوعين إلا ما كان من الصداع بمشاركة المعدة وكان ذلك الغذاء من جنس ما يدبغ فم المعدة ويقويه ويمنع انصباب المرار إليه وإذا صحب الصداع المزمن من الآلام مؤذ فانح في تدبيرك نحوه فإنه ربما كان ذلك العارض سبباً للزيادة في الأصل الذي عرض له العارض مثل السهر فإنه إذا عرض بسبب الصداع ثم اشتدّ كان من أسباب زيادة الصداع فيحتاج أن ننطله مثلاً يحتاج فيما مثلنا به أن يستعمل مثل دهن القرع ودهن الخلاف ودهن النيلوفر ومثل الألبان معطرة بالكافور وغيره.
وربما احتجت في مثالنا إلى أن يخدر قليلاً وينوّم.
وكل صداع صحبته نزلة فلا تمل إلى تبريد الرأس وترطيبه بالأدهان ونحوها بل أفزع إلى الاستفراغ وشدّ الأطراف ودلكها ووضعها في ماء حار وإذا أردت أن تجعل على الرأس ما ينفذ قوته إلى باطن الرأس فلا حاجة بك- كما علمت- إلى غير ناحية مقدّم الدماغ حيث الدرز الإكليلي وغير اليافوخ فعندهما يتوقع نفوذ ما ينفذ وأما مؤخّر الدماغ فإن العظم الذي يحيط به أصل من ذلك فلا ينفذ ما يحتاج إلى نفوذه إلى الدماغ فإن شدد في ذلك لم ينتفع به منفعة تزيد على المنتفع بها لو اقتصر على ناحية المقدم وحاق اليافوخ.
ومع ذلك فإن كان الدواء مبرّداً ضرّ مبادي العصب وأصل النخاع ضرراً عنه غني.
والصداع الضرباني قد يصحب الحار والبارد من الأورام وهو الذي كأنه ينبض فإن كان السبب حاراً فاستعمل المبرّدات التي فيها لين واستعمل أيضاً حجامة النقرة وإرسال العلق على الصدغين وربط الأطراف.
وإن كان بارد أفل إلى ما يفش واخلط معه أيضاً ما فيه تقوية وبرد ماء مثل أن يخلط بدهن الورد سذاباً أو نعناعاً وإذا اشتد مثل هذا الصداع حتى يبلغ بالصبيان إلى أن تنفتق دروزهم فقد حمد في علاجهم العروق المسحوقة ناعماً المخلوطة بدهن الورد والخل طلاء بعد أن يغسل الرأس بماء وملح وإذا استعملت السعوطات المحللة القوية فتمزج في استعمالها على ما قيل في القانون وعليك أن لا تميل نحو المخدرات ما أمكنك ولكنا سنذكر منها وجوهاً في باب مسكّنات الصداع بالتخدير.
واعلم أن القيء ليس من معالجات الصداع وهو شديد الضرر بصاحب الصداع إلا أن يكون بسبب المعدة وبمشاركتها فينتفع بالقيء.
والصداع الذي يكون في مؤخر الرأس فإنه إن لم يكن حمى كان علاجه بالاستفراغ بالمطبوخ أولاً بقدر القوة ثم الفصد.
ومن وجد صداعاً ينتقل في رأسه ويسكنه البرد فلعل الفصد لا بد منه أو الحجامة لئلا تجذب مداومة الوجع فضولاً إلى الرأس.

.فصل في علاج الصداع الحار بغير مادة:

مثل الاحتراق في الشمس وغيره وبمادة صفراوية أو دموية: الغرض في علاج هذا الصداع التبريد.
والمتبدئ منه لا أنفع فيه من دهن الورد الخالص المبرد يصب على الرأس صباً وأفضل ذلك أن يحوّط حول اليافوخ الحائط المذكور ولا يجب كما علمت أن يستقل بمؤخر الدماغ.
وإن لم ينفع دهن الورد وحده خلطت به عصارات البقول وأصناف النبات الباردة ومما يكاد أن لا يكون أنفع منه أن يسعط العليل باللبن ودهن البنفسج أو دهن الورد مبردين على الثلج ويصلح أن يخلط دهن الورد بالخل فإن الخل لا يعين على التنفيذ على الشرط المذكور في القانون.
وربما نفع سقي الخل الممزوج بماء كثير منفعة شديدة.
وأما الكائن من هذه الجملة عن إحراق الشمس فإن علاجه هذا العلاج أيضاً مع زيادة احتياط في تعديل الهواء وتبريده والإيواء إلى المساكن الباردة واستعمال الأضمدة والنطولات والمروخات من الأدهان كلها باردة بالطبع مبردة بالثلج وكذلك النشوقات والنطولات والشمومات.
وقد عرفت ذلك ويجب أن تجتنب في ذلك وغيره كل ما يحرك بعنف من صياح وإكثار فكر وجماع وجوع.
والذي من إحراق الشمس فإنه إذا تلون في ابتدائه سهل تغييره وإذا أهمل فلا يبعد أن يتعذر علاجه أو يتعسر أو يصير له فضل شأن.
وكثيراً ما يعرض من الشمس صداع ليس من حيث يسخن فقط بل من حيث يثير أبخرة ويحرك أخلاطاً ساكنة.
فمثل هذا لا يستغنى معه عن استفراغات على الوجوه المذكورة وربما احتيج أيضاً فيما لم يثر أبخرة ولم يحرك أخلاطاً إلى الاستفراغ وذلك عندما يحدث بامتلاء يُخْشى.
وانجذاب المادة فيه إلى الموضع الألِم على ما علمته من الأصول فهناك إن أغفل أمر استفراغ الخلط الغالب لم يؤمن استعجال الآفة وإذا التهب الرأس جداً في أنواع الصداع الحار وسخن جداً مجاوز للحد أخذ سويق الشعير وبزر قطونا وعجنا بماء عصا الراعي وبرد وضُمد به الرأس.
وأما الكائن عن مادة حارة دموية فيجب أن يبادر فيها إلى الفصد وإخراج الدم بحسب الحاجة واحتمال القوة وإن لم يكف الفصد من عروق الساعد ولم يبلغ به المراد وبقي الوجع بحاله وعرّت العروق على جملتها ورأيت في الرأس والوجه والعين امتلاء واضحاً فيجب أن تقصد فصد العروق التي يستفرغ فصدها من نفس الدماغ كفصد العروق التي في الأنف من كل جانب وفصد العروق التي في الجبهة فإنه عرق يستأصل فصده كثيراً من آلام الرأس.
ويجب أن يراعى في ذلك جهة الوجع فإن كان من الجانب المؤخَّر فصد العروق التي تلي جهة القدام وإن كان في جانب آخر فصد العرق الذي يقابله في الجهة وإذا أعوز في الجهة المقابلة عرق اعتمدت الحجامة بدل الفصد.
وقد قال الحكيم أركيغايس: إن ذلك إن لم يغن فالواجب أن يحجم على الكاهل ويسرح منه دم كثير ويمسح موضع الحجامة بملح مسحوق ويلزم الموضع صوفاً مغموساً في زيت ثم يوضع عليه من الغد دواء خراجي وليس ذلك في هذا بعينه بل في جميع أنواع الصداع المزمن من مادة خبيثة أية مادة كانت.
وقد ينتفع كثيراً في هذا النوع من الصداع وما يجري مجراه بفصد الصافن وحجامة الساق فهذا تدبيرهم من جهة الفصد.
وإذا أحس أن هناك شوباً من مادة صفراوية فلا بأس باستفراغها بما يلين الطبيعة ويزلق المادة مما يذكر في باب الصداع الصفراوي ويجب أن يدام تليين الطبيعة بالجملة بمثل المرقة النيشوقية والإجاصية ومرقة العدس والمج أعني الماش دون جرمهما وأن يغذي المشتكي بأغذية مبرّدة تولّد دماً بارداً إلى اليبس والغلظ ما هو يميل إلى القبض مثل السماقية والرمانية والعدسيّة بالخل والطِفشيل إلا أن يتوقى يبس الطبيعة وأنت في معالجة أمراض الرأس كثير الحاجة إلى اللين من الطبع وفي مثل هذه الحالة ذلك أن تعدل هذه القوابض بالترنجبين والشرخشك وجميع ما يحلي مع تليين ويجب أن تكون هذه الأغذية حسنة الكيموس ويقلل من مقدارها ولا يتملأ منها.
وإذا استعملت النطولات والمروخات استعملت منها ما فيه تبريد وليس فيه ترطيب شديد بل فيه ردع ما وقبض ما مثل ماء الرمان والعصارات الباردة القابضة من الفواكه والأوراق والأصول ولعاب بزر قطونا بالخل وماء عصا الراعي.
وأما علاج الكائن من مادة صفراوية فإن رأيت معه أدنى حركة للدم فالعلاج هو أن يستفرغ الدم قليلاً وإلا جعلت الابتداء من الاستفراغ بمثل الهليلج إن لم يكن حمى وإلا فبالمزلقة والتي ليس فيها خشونة وعصر شديد مثل الشرخشك وشراب الفواكه ومياه واللبلاب وقد يستفرغ بالشاهترج أيضاً والحقن الليّنة.
وإن كانت المواد الصفراوية غليظة أو كانت متشرّبة في طبقات المعدة لا تنقذف بالقيء ولا تنزلق بالمسهّلات المزلقة احتجت أن تستفرغ بأيارج فيقرا مع سقمونيا على النسخ المذكورة أو تزيدها وتحملها على المزلقات أو تستفرغ بطبيخ الهليلج على ما تراه في القراباذين ثم تبدل المزاج بما فيه تبريد وترطيب.
أما من البدن فبالأغذية والأشربة وأما من الرأس- إن كان السبب فيه وحده- فبالمعالجات المذكورة في القانون وبكل ما يعالج به سوء المزاج الحار اليابس وبحسب الأسباب العامية للحرّ والعامية لليبس.
ومن اللطوخات النافعة من الصداع الحار أقراص الزعفران وينفع من السهر أيضاً.
ونسخته يؤخذ من الزعفران سبعة مثاقيل ومن المر مثقالان ومن عصارة الحصرم والقلقديس والصمغ من كل واحد مثقال ونصف ومن الشبّ اليماني ثمانية مثاقيل ومن القلقطار خمسة مثاقيل تدق هذه الأدوية دقاً ناعماً وتُعجن بشراب عفص وتقرّص وإذا احتيج إليها ديف الواحد منها بخل ممزوج بماء الورد ويطلى على الصدغين.
والصداع الحار في الحميات يكره استعمال الأدوية العاطفة للأبخرة عليه ويعافيه كثرة استنشاق الخل وماء الورد.